قائمة المنشورات


 تحقيقات


 العودة إلى المنتدى

المستقبل الإلكترونيه   

عرش أمريكا يتهاوى.. ونمور آسيا الصاعدون

mohamed | تم النشر بتاريخ السبت 27 يناير 2018, 8:26 pm | 1482 مشاهدة

القاهرة – محمد جمعة

في ظل التحديات والمخاطر التي يعيشها العالم العربي، وتهدد حاضره ومستقبله وربما ماضيه أيضا، علينا أن نطرح تسائلا هاما للغاية عله يلفت إنتباه قادة وزعماء دولنا لضرورة العمل المشترك من أجل خلق كيان عربي موحد، يجمع أمتنا، ويكون ذا قوة فاعلة ومؤثرة في الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية، والسؤال هو: ما هو مستقبل النظام العالي وأين ستكون الدول العربية بين موازين القوة الدولية؟.

للوهلة الأولى وبعد سماع السؤال، يأتي الرد بألا مستقبل للدول العربية خاصة وأنه لا حاضر لها، فضلا عن حالة التشرذم والتفتت التي تعيشها معظم هذه الدول، ولا تسعى لنهضة حقيقية سواء لنفسها أو بعضها البعض؛ لكنه وبالتأكيد فإن مقومات الدول العربية مجتمعة – وليس كل دولة وحدها – تؤهلها لأن تكون مركز قوة مؤثرة وفاعلة في العالم، الأمر الذي يجعلنا نتسائل - مرة أخرى – ونردد ما قاله شاعر العامية المصري هشام الجخ: لماذا الفرقة الحمقاء تحكمنا؟!!.

الحلواني: أمريكا تفعل بالصين ما فعلت بـ"السوفيتي"

الشرقاوي: التقارب المصري الخليجي "نواة" المستقبل

رشاد: لا يسترد حق بدون قوة

روسيا والنمور

المؤشرات والدلالات تشير إلى أن موازين القوة في العالم حتما ستتغير - عاجلا وليس أجلا -، وذلك بإعادة بناء النظام الدولي من جديد على أساس تعدد القطبية وبالتالي يكون هناك توازن للقوى الدولية والإقليمية، أو أن تنتقل موازين هذه القوة بشكل كلي من الغرب المتمثل في أمريكا وأوربا إلى الشرق حيث الصين واليابان وروسيا؛ فأمريكا تلك التي هيمنت على الساحة الدولية - بعد أن استطاعت تفتيت الاتحاد السوفيتي - صار عرشها يتهاوى مع عودة أحد أعمدة الاتحاد السوفيتي السابق "روسيا" والتي استطاعت مؤخرا أن تفرض نفسها وبقوة على المجتمع الدولي كقوة ثانية من خلال تدخلها في سوريا وبعد سيطرتها على شبه جزيرة القرم الأوكرانية.

وبخلاف عودة القطب الروسي للمشهد، فإن الكثيرون يتوقعون أن يكون لدولتي الصين واليابان هيمنة إن لم تكن كاملة فهي شبه كاملة – إذا اتحدا - على المشهد والساحة الدولية في غضون عقود قليلة قادمة؛ فاليابان صارت تقترب من مكانة الدولة العظمى، وفي ظل ما يشهده العالم من عدم اتزان للسياسة الخارجية لواشنطن وما تمثله الآلة الأمريكية العسكرية من خطورة على العالم، فإن الدولتين "اليابان والصين" قد يتجها نحو إعادة النظر في ترتيب علاقاتهما الأمنية والاقتصادية على أساس القواسم المشتركة بين كلهما، الأمر الذي إن حدث سيغير من موازين القوة العالمية، ولن تستطيع وقتها أن تقف أمريكا أمامهما؛ لكن يظل السؤال الأهم وهو أين سيكون موقع الدول العربية وسط القوة القادمة؟؟.

العرب في خطر

الدكتور سعد الحلواني، أستاذ التاريخ المعاصر والحديث، قال إن المرحلة القادمة - في القريب - هي الأخطر بالنسبة للدول العربية والإسلامية، لأن هذه الدول ستشهد محاولات تقسيم وتفتيت غير مسبوق، مشيرا إلى أنه على مدار العقود الماضية، ومنذ خروج المسلمين من الأندلس، ومع بداية ظهور القوة العظمى، كانت هناك مراحل متتالية لضرب القوة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي بدأ بإضعاف الدولة العثمانية والاستعمارية المباشر لهذه الدول، ثم تحريرها وترك فتيل في بعضها للتدخل والاستعمار مرة أخرى.

وأضاف الحلواني، أن الاستعمار عاد للدول العربية مرة أخرى في صورة مختلفة وشرسة بعد أحداث الحادي عشر من سيبتمبر عام 2001، لافتا إلى أن ذروة هذا الاستعمار قائمة حاليا بهدف تدمير الدول العربية والإسلامية  وهو ما نشاهده حاليا في سوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان، ويزحف إلى دول أخرى، لتسوية المنطقة بالأرض حتى لا تكون لدولها قائمة مرة أخرى.

وأشار إلى أن أمريكا وحلفائها من الصهاينة والأوربيين استطاعوا أن يفعلوا ذلك في المنطقة بلعبة عجيبة وهي أنهم جمعوا بطريقتهم كل من له حس جهادي من المسلمين ووجهوه إلى المحرقة في سوريا والعراق بدعوى الجهاد، ليقضوا بذلك على الجزء الأقوى في الأمة الإسلامية وهي العناصر المستعدة أن تلقى حتفها في سبيل حماية الأمة والدين، وبالتالي يتخلصوا من العناصر التي يخشون مقاومتها.

ورأى أستاذ التاريخ المعاصر، أن الدول العربية في ظل المخاطر التي تهددها حاليا لن يكون لها تواجد وسط القوة الدولية القادمة، إلا إذا إستطاعت أن تتوحد وتصطف وتواجه تلك التهديدات، مشيرا إلى أن الخطر يمتد إلى كافة الدول العربية والاسلامية في الشرق والغرب.

ونوه إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية – وبعيدا عن مخطط تفتيت الدول الاسلامية - تعمل حاليا وتهتم بأمر تفتيت الصين - ولديها في ذلك خبرات سابقة ونجحت من قبل في تفتيت الاتحاد السوفيتي - حتى تظل القوة الواحدة دون منازع لها، لافتا إلى اعتقاده أن الصين تعي تماما هذا الأمر ومنتبهة له، ورغم أن أمريكا ما مازالت تفشل في هذه لمحاولات إلا أنها مستمر.

نواة المستقبل

وأكد الدكتور فتحي الشرقاوي، أستاذ علم النفس السياسي، أن الدول العربية لن تتواجد مستقبلا بين القوة العظمى أو حتى الصغرى، وذلك طالما ظلت حالة التشرزم والتفتت موجودة بينها، وطالما لا توجد أي بوادر تقارب مثل التقارب الخليجي المصري، مشيرا إلى أن دول الشمال العربي تسير في واد مختلف تماما، وأن العراق واليمن قد خرجوا خارج الحسبان وكذلك السودان.

وتابع: "لا أرى أي نوع من التآلف والتحالف غير التآلف المصري الخليجي فقط، وهذا ما يمكن أن نعتبره نواة للقوة الواحدة فيما بعد، لكن ما دون ذلك لا توجد أي بوادر، حتى أننا لا نسمع صوتا للجامعة العربية أو لأي عمل عربي مشترك، والعالم الخارجي خاصة الغرب مستفيد من هذا الوضع المترهل"، معللا سبب وجود التقارب المصري الخليجي إلى أن هذه الدول لها عمق استراتيجي يجب أن تحافظ عليه وبالتالي تحمي بعضها البعض، الأمر الذي اعتبره –الشرقاوي- جوهر العمل العربي المشترك.

ورأى الشرقاوي، أن القوة الكبرى القادمة للعالم ستتمثل في الصين واليابان بعيدا عن الكتلة الغربية وأمريكا، وأن السيادة العظمى في المستقبل القريب – خلال عدة قرون - هي للنمور الأسيوية التي سيكون لها شأن كبير للغاية على مستوى العالم، مرجعا ذلك إلى أن هذه الدول لا تُشغل أنفسها إلا بالعمل والإنتاج والبحث العلمي والتصدير وتطوير الاقتصاد، وتُبعد أنفسها عن تصدير جنودها أو الاشتباك في قضايا إقليمية أو صراعات محلية، مؤكدا: "الحضارة اليابانية والصينية هي القادمة لا محال، وستكون القطب الواحد، وأنه من الممكن أن تندثر أمريكا، لأن المواطن الأمريكي لا يبحث إلا عن الأكل والشرب وغير مثقف". 

وأضاف أن من يراهن على البقاء طويل الأمد لأمريكا فهو مخطئ، متسائلا: "مين كان يصدق إن الكتلة الشرقية – الاتحاد السوفيتي - تنهار وتصبح مجموعة من الدويلات؟!".

الجامعة العربية.. أين دورها؟

وفي السياق ذاته، شدد اللواء محمد رشاد، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق، على ضرورة أن تتحد الدول العربية، لأنه طالما ظل كل منها منفصل عن الآخر في جزر منعزلة فلن يكون لها أي دور عالمي، ولذلك لابد من الوحدة، وأن تعمل الدول العربية على التنسيق فيما بينها للوصول إلى هذا النوع من الوحدة كي تستطيع أن تفرض نفسها على المجتمع الدولي كقوة عربية، بعيدا عن الجزر والمتاهات التي نعيش فيها.

وقال رشاد، إن الجامعة العربية هي من يجب أن تقوم بهذا الدور، وأن تبدأ بالتنسيق لعمل خطة تستطيع من خلالها أن تجمع بين الدول العربية في وحدة مشتركة تجعلها تقف على نفس على قدم وساق أمام الاتحاد الأوروبي وغيره، وذلك لأنه طالما ظل العرب متفرقين فلن تضعهم الدول العالمية والكبرى على خارطتها، مضيفا: "وإذا تمت الوحدة العربية سيكون لدينا القدرة الحقيقية على المطالبة بكل حقوقنا وأولها الحق الفلسطيني، لأنه لا يسترد حق بدون قوة".

وأضاف أن أمريكا لن تظل القوة العظمى الواحدة في العالم، مشيرا إلى أن روسيا قطعت شوطا كبيرا في أن تكون قطب آخر في الموقف الدولية، بعد أن حققت مكاسب كبيرة جدا بتدخلها في سوريا، إذ أنها من الموقف السوري استطاعت أن تفرض نفسها كأحد أقطاب المجتمع الدولي، بل وتمثل القطب الثاني بالنسبة للعالم.

وعن اليابان والصين، قال وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية الأسبق، إنه لا شك في أن القوة الاقتصادية لها دور مؤثر عالميا إلا أن القوة الفاعلة تظل هي الأقوى، مشيرا إلى أن القوة في الدول تعد حصيلة مجموعة من المقومات التي لا تتمثل في الاقتصاد وحده، وإنما أيضا في الجانب العسكري والسياسي والاجتماعي، وهي العناصر التي إذا تكاملت تكون قدرة وحصيلة للمقومات الفاعلة، وكلما كان لدى الدولة قدرة أكبر فهي تحتل مركزا أعلى في العالم، لأن القدرة هي التي ترسم الدولة في ميزان المجتمع الدولي.

 

نبذة عن الكاتب