Main photo جميع قصائد نزار قبانى

جميع قصائد نزار قبانى

  • من طرف hassanbalam
  • 3735 مشاهدة

 الأعمال الكاملة لنزار قبانى قراءة مباشرة

أحبيني .. بلا عقد 

وضيعي في خطوط يدي 

أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات.. 

فلست أنا الذي يهتم بالأبد.. 

أنا تشرين .. شهر الريح، 

والأمطار .. والبرد.. 

كصاعقة على جسدي.. 

أحبيني .. 

بكل توحش التتر.. 

بكل حرارة الأدغال 

كل شراسة المطر 

ولا تبقي ولا تذري.. 

ولا تتحصري أبدا.. 

فقد سقطت على شفتيك 

كل حضارة الحضر 

أحبيني.. 

كزلزال .. كموت غير منتظر.. 

وخلي نهدك المعجون.. 

بالكبريت والشرر.. 

يهاجمني .. كذئب جائع خطر 

وينهشني .. ويضربني .. 

كما الأمطار تضرب ساحل الجزر.. 

أنا رجل بلا قدر 

فكوني .. أنت لي قدري 

وأبقيني .. على نهديك.. 

مثل النقش في الحجر.. 

*** 

أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا.. 

ولا تتلعثمي خجلا 

ولا تتساقطي خوفا 

أحبيني .. بلا شكوى 

أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيفا؟ 

وكوني البحر والميناء.. 

كوني الأرض والمنفى 

وكوني الصحو والإعصار 

كوني اللين والعنفاء.. 

أحبيني .. بألف وألف أسلوب 

ولا تتكرري كالصيف.. 

إني أكره الصيفا.. 

أحبيني .. وقوليها 

لأرفض أن تحبيني بلا صوت 

وأرفض أن أواري الحب 

في قبر من الصمت 

أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت 

بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت.. 

بعيدا عن تعصبها.. 

بعيدا عن تخشبها.. 

أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا 

التي من يوم أن كانت 

إليها الحب لا يأتي.. 

إليها الله .. لا يأتي .. 

*** 

أحبيني .. ولا تخشي على قدميك 

- سيدتي - من الماء 

فلن تتعمدى امرأة 

وجسمك خارج الماء 

وشعرك خارج الماء 

فنهدك .. بطة بيضاء .. 

لا تحيا بلا ماء .. 

أحبيني .. بطهري .. أو بأخطائي 

بصحوي .. أو بأنوائي 

وغطيني .. 

أيا سقفا من الأزهار .. 

يا غابات حناء .. 

تعري .. 

واسقطي مطرا 

على عطشي وصحرائي .. 

وذوبي في فمي .. كالشمع 

وانعجني بأجزائي 

تعري .. واشطري شفتي 

إلى نصفين .. يا موسى بسيناء..

***********************************

زيديني عِشقاً.. زيديني 

يا أحلى نوباتِ جُنوني 

يا سِفرَ الخَنجَرِ في أنسجتي 

يا غَلغَلةَ السِّكِّينِ.. 

زيديني غرقاً يا سيِّدتي 

إن البحرَ يناديني 

زيديني موتاً.. 

علَّ الموت، إذا يقتلني، يحييني.. 

 

جسمكِ خارطتي.. ما عادت 

خارطةُ العالمِ تعنيني.. 

أنا أقدمُ عاصمةٍ للحبّ 

وجُرحي نقشٌ فرعوني 

وجعي.. يمتدُّ كبقعةِ زيتٍ 

من بيروتَ.. إلى الصِّينِ 

وجعي قافلةٌ.. أرسلها 

خلفاءُ الشامِ.. إلى الصينِ 

في القرنِ السَّابعِ للميلاد 

وضاعت في فم تَنّين 

 

عصفورةَ قلبي، نيساني 

يا رَمل البحرِ، ويا غاباتِ الزيتونِ 

يا طعمَ الثلج، وطعمَ النار.. 

ونكهةَ شكي، ويقيني 

أشعُرُ بالخوف من المجهولِ.. فآويني 

أشعرُ بالخوفِ من الظلماء.. فضُمّيني 

أشعرُ بالبردِ.. فغطّيني 

إحكي لي قصصاً للأطفال 

وظلّي قربي.. 

غنِّيني.. 

فأنا من بدءِ التكوينِ 

أبحثُ عن وطنٍ لجبيني.. 

عن حُبِّ امرأة.. 

يكتُبني فوقَ الجدرانِ.. ويمحوني 

عن حبِّ امرأةٍ.. يأخذني 

لحدودِ الشمسِ.. 

 

نوَّارةَ عُمري، مَروحتي 

قنديلي، بوحَ بساتيني 

مُدّي لي جسراً من رائحةِ الليمونِ.. 

وضعيني مشطاً عاجياً 

في عُتمةِ شعركِ.. وانسيني 

أنا نُقطةُ ماءٍ حائرةٌ 

بقيت في دفترِ تشرينِ 

 

زيديني عشقاً زيديني 

يا أحلى نوباتِ جنوني 

من أجلكِ أعتقتُ نسائي 

وتركتُ التاريخَ ورائي 

وشطبتُ شهادةَ ميلادي 

وقطعتُ جميعَ شراييني...

**********************************

فقاقيع من الصابون والوحل
فمازالت بداخلنا
"رواسب من " أبي جهل 
ومازلنا
نعيش بمنطق المفتاح والقفل
نلف نساءنا بالقطن
ندفنهن في الرمل
ونملكهن كالسجاد
كالأبقار في الحقل
ونهذا من قوارير
بلا دين ولا عقل
ونرجع أخر الليل
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال دقائق خمسه
بلا شوق ... ولا ذوق
ولا ميل
نمارسه .. كالات
تؤدي الفعل للفعل
ونرقد بعدها موتى
ونتركهن وسط النار
وسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل  
بنصف الدرب نتركهن
يا لفظاظة الخيل
قضينا العمر في المخدع
وجيش حريمنا معنا
وصك زواجنا معنا
وقلنا : الله قد شرع
ليالينا موزعه
على زوجاتنا الأربعه
هنا شفه
هنا ساق
هنا ظفر
هنا إصبع
كأن الدين حانوت
فتحناه لكي نشبع
تمتعنا " بما أيماننا ملكت "
وعشنا من غرائزنا بمستنقع
وزورنا كلام الله
بالشكل الذي ينفع
ولم نخجل بما نصنع
عبثنا في قداسته
نسينا نبل غايته
ولم نذكر
سوى المضجع
ولم نأخذ سوى
زوجاتنا الأربع

*****************************

ضـوءُ عينَيْـكَ أمْ هُمْ نَجمَتانِ؟

كُلُّهمْ لا يَـرى .. وأنـتَ تَراني



لسـتُ أدري مِن أينَ أبدأُ بَوْحي

شجرُ الدمـعِ شـاخَ في أجفاني



كُتِبَ العشقُ ، يا حبيبـي ، علينا

فـهـوَ أبكـاكَ مثلما أبكـانـي



عُمْرُ جُرحي .. مليونَ عامٍ وعامٍ

هلْ تَرى الجُرحَ من خِلال الدُخانِ؟



نَقَشَ الحـبُّ في دفاتـرِ قـلبـي

كُـلَّ أسمـائِهِ ... وما سَـمَّـاني



قالَ : لا بُدَّ أن تَمـوتَ شـهـيداً

مثلَ كُلِّ العشّـاقِ ، قلتُ عَسَـاني



وطويـتُ الدُّجـى أُسـائلُ نفسي

أَبِسَيْفٍ .. أم وردةٍ قد رمـاني ؟



كيفَ يأتي الهوى، ومن أينَ يأتي؟

يعـرفُ الحـبُّ دائماً عـنواني



صَدَقَ الموعدُ الجميلُ .. أخيـراً

يا حبيبي ، ويا حَبيـبَ البَيَـانِ



ما عَلَينـا إذا جَلَسْـنا بـِرُكـنٍ 

وَفَتَحْنـا حَـقائِـبَ  الأحـزانِ



وقـرأنـا أبـا العـلاءِ قـليـلاً

وقَـرَأنـا (رِسَـالةَ الغُـفْـرانِ)



أنا في حضـرةِ العُصورِ جميعاً

فزمانُ الأديبِ .. كـلُّ الزّمانِ ..



*



ضوءُ عينَيْكَ .. أم حوارُ المَـرايا

أم  هُـما طائِـرانِ يحتـرِقانِ ؟



هل عيـونُ الأديبِ نهورُ لهيبٍ 

أم عيـونُ الأديبِ نَهرُ أغاني ؟



آهِ يا سـيّدي الذي جعلَ اللّيـلَ 

نهاراً .. والأرضَ كالمهرجانِ ..



إرمِ نـظّارَتَيْـكَ كـي أتملّـى

كيف تبكي شـواطئُ المرجـانِ



إرمِ نظّارَتَيْكَ ... ما أنـتَ أعمى

إنّمـا نحـنُ جـوقـةُ العميـانِ



*



أيّها الفارسُ الذي اقتحمَ الشـمسَ

وألـقـى  رِداءَهُ  الأُرجـوانـي



فَعلى الفجرِ موجةٌ مِـن صهيـلٍ

وعلى النجـمِ حافـرٌ لحصـانِ ..



أزْهَرَ البـرقُ في أنامِلكَ الخمـسِ

وطارَتْ للغـربِ عُصفـورَتـانِ 



إنّكَ النهـرُ .. كم سـقانا كؤوسـاً

وكَسـانا بالـوردِ وَ الأقـحُـوانِ



لم يَزَلْ ما كَتَبْتَهُ يُسـكِـرُ الكـونَ

ويجـري كالشّهـدِ تحـتَ لساني



في كتابِ (الأيّامِ) نوعٌ منَ الرّسمِ

وفـيهِ التـفـكيـرُ بالألـوانِ ..



إنَّ تلكَ الأوراقِ حقـلٌ من القمحِ 

فمِـنْ أيـنَ تبـدأُ الشّـفـتـانِ؟



وحدُكَ المُبصرُ الذي كَشَفَ النَّفْسَ

وأسْـرى في عُـتمـةِ الوجـدانِ 



ليـسَ صـعباً لقـاؤنـا بإلـهٍ ..

بلْ لقاءُ الإنسـانِ .. بالإنسـانِ ..



*



أيّها الأزْهَـرِيُّ ... يا سارقَ النّارِ

ويـا كاسـراً حـدودَ الثـوانـي



عُـدْ إلينا .. فإنَّ عصـرَكَ عصرٌ

ذهبـيٌّ .. ونحـنُ عصـرٌ ثاني



سَـقَطَ الفِكـرُ في النفاقِ السياسيِّ

وصـارَ الأديـبُ كالـبَهْـلَـوَانِ



يتعاطى التبخيرَ.. يحترفُ الرقصَ

ويـدعـو بالنّصـرِ للسّـلطانِ ..



عُـدْ إلينا .. فإنَّ مـا يُكتَبُ اليومَ

صغيرُ الـرؤى .. صغيرُ المعاني



ذُبِحَ الشِّعـرُ .. والقصيدةُ صارَتْ

قينـةً تُـشتَـرى كَكُـلِّ القِيَـانِ



جَـرَّدوها من كلِّ شيءٍ .. وأدمَوا

قَـدَمَيْهـا .. باللّـفِ والـدّورانِ 



لا تَسَـلْ عـن روائـعِ المُـتنبّي

والشَريفِ الرّضـيِّ ، أو حَسَّانِ ..



ما هوَ الشّعرُ ؟ لـن تُلاقي مُجيباً

هـوَ بيـنَ الجنـونِ والهذيـانِ 



*



عُـدْ إلينا ، يا سيّدي ، عُـدْ إلينا

وانتَشِلنا من قبضـةِ الطـوفـانِ



أنتَ أرضعتَنـا حليـبَ التّحـدّي

فَطحَنَّـا الـنجـومَ بالأسـنانِ ..



واقـتَـلَعنـا جـلودَنـا بيدَيْنـا

وفَـكَكْنـا حـجـارةَ الأكـوانِ



ورَفَضْنا كُلَّ السّلاطينِ في الأرضِ

رَفـَضْنـا  عـِبـادةَ  الأوثـانِ



أيّها الغاضبُ الكبيـرُ .. تأمَّـلْ

كيفَ صارَ الكُتَّـابُ كالخِرفـانِ



قَنعـوا بالحياةِ شَمسَاً .. ومرعىً

و اطمَأنّـوا للمـاءِ و الغُـدْرانِ



إنَّ أقسـى الأشياءِ للنفسِ ظُلماً ..

قَلَمٌ في يَـدِ الجَبَـانِ الجَبَـانِ ..



يا أميرَ الحُروفِ .. ها هيَ مِصرٌ

وردةٌ  تَسـتَحِمُّ في شِـريـانـي



إنّني في حُمّى الحُسينِ، وفي اللّيلِ 

بقايـا من سـورةِ الـرّحمـنِ ..



تَسـتَبِدُّ الأحـزانُ بي ...  فأُنادي 

آهِ يا مِصْـرُ مِـن بني قَحطـانِ



تاجروا فيكِ.. ساوَموكِ.. استَباحوكِ

وبَـاعُـوكِ كَـاذِبَاتِ الأَمَـانِـي



حَبَسـوا الماءَ عن شـفاهِ اليَتامى

وأراقـوهُ في شِـفاهِ الغَـوانـي



تَركوا السّـيفَ والحصانَ حَزينَيْنِ

وباعـوا التاريـخَ  للشّـيطـانِ



يشترونَ القصورَ .. هل ثَمَّ شـارٍ

لقبـورِ الأبطـالِ في الجَـولانِ ؟



يشـترونَ النساءَ .. هل ثَمَّ شـارٍ

لدمـوعِ الأطـفالِ في بَيسـانِ ؟



يشترونَ الزوجاتِ باللحمِ والعظمِ

أيُشـرى الجـمـالُ بالميزانِ ؟



يشـترونَ الدُّنيا .. وأهـلُ بلادي

ينكُشـونَ التُّـرابَ كالدّيـدانِ ...



آهِ يا مِصـرُ .. كَم تُعانينَ مِنـهمْ

والكبيـرُ الكبيـرُ .. دوماً يُعاني



لِمَنِ الأحمـرُ المُـراقُ بسَـيناءَ 

يُحاكي شـقـائـقَ النُعـمانِ ؟



أكَلَتْ مِصْـرُ كِبْدَها .. وسِـواها

رَافِـلٌ بالحـريرِ والطيلَسَـانِ ..



يا هَوَانَ الهَوانِ.. هَلْ أصبحَ النفطُ

لَـدَينا .. أَغْـلى من الإنسـانِ ؟



أيّها الغارقـونَ في نِـعَـمِ اللهِ ..

ونُعـمَى المُرَبْرَباتِ الحِسـانِ ...



قدْ رَدَدْنا جحافلَ الـرّومِ عنكـمْ

ورَدَدْنا كِـسـرى أنـوشِـرْوانِ



وحَـمَيْنا مُحَـمَّـداً .. وعَـلِيَّـاً 

وحَـفَظْنـا كَـرامَـةَ القُـرآنِ ..



فادفعـوا جِـزيَةَ السّيوفِ عليكُمْ

لا تعيـشُ السّـيوفُ بالإحسانِ ..



*



سامِحيني يا مِصرُ إنْ جَمَحَ الشِّعرُ

فَطَعْمُ الحـريقِ تحـتَ لِسـاني



سامحيني .. فأنتِ أمُّ المروءَاتِ

وأمُّ السّماحِ والغُفرانِ ..



سامِحيني .. إذا احترَقتُ وأحرَقْتُ 

فليسَ الحِيادُ في إمكاني



مِصرُ .. يا مِصرُ .. إنَّ عِشقي خَطيرٌ

فاغفري لي إذا أَضَعْتُ اتِّزاني ...  
********************************


شؤونٌ صغيرهْ

تمرُّ بها أنتَ دونَ التفاتِ

تُساوي لديَّ حياتي

جميعَ حياتي ..

حوادثُ .. قد لا تثيرُ اهتمامَكْ

أُعَمِّرُ منها قصورْ

وأحيا عليها شهورْ ..

وأغزلُ منها حكايا كثيرهْ

وألفَ سماءْ .

وألفَ جزيرهْ ..

شؤونٌ .. شؤونُكَ تلكَ الصغيرهْ





2



فحينَ تُدَخِّنُ .. أجثو أمامَكْ

كقِطَّتِكَ الطيِّبهْ

وكُلِّي أمانْ

أُلاحقُ مَزهوَّةً مُعجَبهْ

خيوطَ الدخانْ

توزّعُها في زوايا المكانْ

دوائرْ ..

دوائرْ ..

وترحلُ في آخرِ اللّيل عنّي

كنجمٍ ، كطيبٍ مُهاجِرْ

وتتركني يا صديقَ حياتي

لرائحةِ التبغِ والذكرياتِ

وأبقى أنا .. في صقيعِ انفرادي ..

وزادي أنا .. كلُّ زادي 

حطامُ السجائرْ

وصحنٌ يضمُّ رماداً ..

يضمُّ رمادي ..



3



وحينَ أكونُ مريضهْ

وتحملُ لي أزهارَكَ الغاليهْ

صديقي إليْ ..

وتجعلُ بين يديكَ يديْ

يعودُ ليَ اللونُ والعافيهْ

وتلتصقُ الشمسُ في وجنتَيْ

وأبكي ...

وأبكي ...

بغيرِ إرادهْ

وأنتَ تردُّ غطائي عليّْ

وتجعلُ رأسي فوقَ الوسادهْ

تمنّيتُ كلَّ التمنّي 

صديقي .. لو انّي 

أظلُّ .. أظلُّ عليلهْ 

لتسألَ عنّي ..

لتحملَ لي كلَّ يومٍ ..

وروداً جميلهْ ..





4



وإن رنَّ في بيتِنا الهاتفُ

إليهِ أطيرْ

أنا يا صديقي الأثيرْ

بفرحةِ طفلٍ صغيرْ

بشوقِ سنونوَّةٍ شارِدهْ

وأحتضنُ الآلةَ الجامدهْ

وأعصرُ أسلاكَها الباردهْ

وأنتظرُ الصوتَ .. صوتَكَ يهمي عليّْ

دفيئاً ، مليئاً ، قويّْ

كصوتِ ارتطامِ النجومْ

كصوتِ سقوطِ الحليّْ

وأبكي .. وأبكي ..

لأنّكَ فكَّرْتَ فيّْ

لأنّكَ من شرفاتِ الغيوبْ

هتفْتَ إليّْ





5



ويومَ أجيءُ إليكْ ...

لكي أستعيرَ كتابْ 

لأزعمَ أنّي أتيتْ ..

لكي أستعيرَ كتابْ

تمدُّ أصابعَكَ المُتعَبهْ

إلى المكتبهْ ..

وأبقى أنا .. في ضبابِ الضبابْ

كأنّي سؤالٌ .. بغيرِ جوابْ

أحدِّقُ فيكَ .. وفي المكتبهْ

كما تفعلُ القطَّةُ الطيّبهْ ..

تُراكَ اكتشفتْ ؟

تُراكَ عرفتْ ؟

بأنّي جئتُ لغيرِ الكتابْ

وإنّيَ لستُ سوى كاذبهْ ..

.. وأمضي سريعاً إلى مخدعي 

كأنّي حملتُ الوجودَ معي ..

وأشعِلُ ضوئي ..

وأسدِلُ حولي الستورْ 

وأنبشُ بينَ السطورِ ، وخلفَ السطورْ

وأعدو وراءَ الفواصلِ ، أعدو

وراءَ نقاطٍ تدورْ ..

ورأسي يدورْ 

كأنّيَ عصفورةٌ جائعهْ

تفتّشُ عن فضلاتِ البذورْ

لعلّكَ .. يا .. يا صديقي الأثيرْ

تركتَ بإحدى الزوايا

عبارةَ حُبٍّ صغيرهْ ..

جُنَيْنَةَ شوقٍ صغيرهْ ..

لعلّكَ بينَ الصحائفِ خبّأتَ شيّا

سلاماً صغيراً .. يعيدُ السّلامَ إليّا ..





6



.. وحينَ نكونُ معاً في الطريقْ

وتأخذُ - من غير قصدٍ - ذراعي

أحسُّ أنا يا صديقْ

بشيءٍ عميقْ ..

بشيءٍ .. يشابهُ طعمَ الحريقْ

على مِرفقي

وأرفعُ كفّي نحوَ السّماءْ

لتجعلَ دربي بغيرِ انتهاءْ

وأبكي ...

وأبكي ...

بغيرِ انقطاعِ ..

لكي يستمرَّ ضياعي ..

وحينَ أعودُ مساءً .. إلى غُرفتي

وأنزعُ عن كَتفَيَّ الرداءْ

أحسُّ - وما أنتَ في غرفتي -

بأنَّ يديكَ 

تلُفَّانِ في رحمةٍ مِرفقي

وأبقى لأعبدَ يا مُرهِقي

مكانَ أصابعكَ الدافئاتْ

على كمِّ فُستانيَ الأزرقِ

وأبكي ...

وأبكي ...

بغيرِ انقطاعِ ..

كأنَّ ذراعيَ .. ليستْ ذراعي ..
**********************************

رسالة من تحت الماء.


 

إن كنتَ صديقي.. ساعِدني 

كَي أرحَلَ عَنك.. 

أو كُنتَ حبيبي.. ساعِدني 

كَي أُشفى منك 

لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً 

ما أحببت 

لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً 

ما أبحرت.. 

لو أنِّي أعرفُ خاتمتي 

ما كنتُ بَدأت... 

 

إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني 

أن لا أشتاق 

علِّمني كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق 

علِّمني كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق 

علِّمني كيفَ يموتُ القلبُ وتنتحرُ الأشواق 

 

إن كنتَ قويَّاً.. أخرجني 

من هذا اليَمّ.. 

فأنا لا أعرفُ فنَّ العوم 

الموجُ الأزرقُ في عينيك.. يُجرجِرُني نحوَ الأعمق 

وأنا ما عندي تجربةٌ 

في الحُبِّ .. ولا عندي زَورَق 

إن كُنتُ أعزُّ عليكَ فَخُذ بيديّ 

فأنا عاشِقَةٌ من رأسي حتَّى قَدَمَيّ 

إني أتنفَّسُ تحتَ الماء.. 

إنّي أغرق.. 

أغرق.. 

أغرق
********************************

-1-  

    حبكِ.. 

   إشكالية كبرى   

   إشكالية جسدية . 

   وإشكالية لغوية . 

   وإشكالية ثـقافية. 

   فذراعي قصيره وأغصانـك  

     مثـقلة بالفاكهة..

   وأجنحتي مكسوره وسماواتـك مدروزة بالعصافير.. 

   ومفرداتي محدودة  وجسدك أكاديمية ملكية 

   تختـزن الشعر  وتبـتكر اللغات .. 

                  -2- 

   معكِ .. 

   لاتوجد أنصاف حلول . 

   ولا أنصاف مواقـف .  

   ولاأنصاف أحاسيس . 

   كل شيءٍ معك .. 

   يكون زلزالاً أو لايكون.. 

   وكل يوم معك يكون انقلاباً أولايكون .. 

   وكل قبلـةٍ على فمكْ 

   تكون جهـنـماً ..أو لاتكون!!.. 

           -3- 

   هكذا أنا.. 

   منذ احترفـت الحب واحترفـت الكتابة . 

   لاقصيدة تخرج من بـين أصابعي 

   إلا وهي ساخنة كرغـيف الخبزْ. 

   ولاامراة أضع عليها يـدي 

   إلا وتحمل في بطنها خمسيـن قمـراً ... 

                  -4- 

   معكِ .. 

   لايوجد طقس معتدل 

   ولاهـدنة طويـلة ولا حياد مطلق . 

   فالحياد مع امراة مثـلك 

   معجونة بلوزها .. وعسلها .. 

   وحليـب أنوثـتها .. 

   وموسيقى أمشاطها ، وخواتمها.. 

   تَرَفٌ ثـقـافيٌّ لاأقـدر عليه 

   وتـنازل سخيفٌ عن صهيل رجولتي !!. 

                  -5- 

   معكِ..                                            
             

   لايوجد للحب سيناريو واحد . 

   ولا للجنس أسلوب واحدْ. 

   ولا للذكور رائحة واحده 

   وإنما حروب عبثية لايـنـتصر بها أحـدْ. 

   تـتكسر فيها الأساور على الأساور .. 

   والأقـراطُ على الأقـراطْ .. 

   وقصائـدي .. 

   على قمة نهـدك المغـطى بالثـلوجْ  ... 

                  -6- 

   معكِ .. 

   لا يوجد خط مستـقـيم . 

   ولا صراط مستـقـيم . 

   فأنت عمل تجريـدي غامض 

   يختـلط فيه الأحمرُ ..بالأزرق .. 

   بالبرتـقالي .. 

   والشعر .. بالنثر .. بالنظام .. 

   بالفوضى .. بالحضارة .. بالـتوحش .. 

   بالوجودية .. بالصوفـية.. 

                  -7- 

   معكِ.. 

   يولد الرجل بالمصادفه 

   ويموت بالمصادفه !! 

                      -8- 

   كيف يمكنـني أن أهادن زلـزالاً.. 

   أو طُوفانـاً 

   أو غابةً إفريقيـةً مشتعله؟ 

   كيف يمكنـني أن أصالح نحلةً 

   تخطط لارتـشاف دمي ؟. 

                    9- 

   كيف يمكنني أن أتـفاهم مع جسدك ْ 

   وهو لايعرف إلا لغـتـهْ ؟ 

             -10- 

   كيف يمكنني أن أربح المعركه 

   وأنـا رجـل واحـدْ.. 

   وأنتِ قبـيـلةٌ مـن الـنـساءْ ؟؟ .. 

                  -11- 

   معكِ .. تـتداخل الأزمـنةُ بـبعضها . 

   والأمكـنة بـبعضها . 

   ونصوص الشعر بـبعضها . 

   فلا أعرفُ من أيـنْ ؟ 

   ولا أعرف إلى أيـنْ ؟ 

   ولا يعـنـيــني أبـد اً أن أستـشـيـر النجوم ْ 

   أو أن أقـرأَ الخرائط . 

   فالعـاشـق الكبـيـر 

   هو الـذي يـرمي نفسه في بحر العشقْ 

   بلا بوصلة .. ولا خريطة .. ولا شهادة تأميـن ... 

                  -12- 

   ليس لدي مهنة أخـرى 

   في هذا العـالـمْ 

   سوى أن أحبـك .. 

   ولو حـدث أن توقـفـتُ 

   من ممارسة هـذا الجـنون الجمـيـلْ 

   لأصبحت عاطلاً عـن العمـلْ !! 

                  -13- 

   إن الحب عندي هو غـريـزة ولاديـه 

   وليس أبداً عادة مكتسبهْ ، 

   أو طبـيعة ثانـيه .. 

   فإذا رأيتـني ذات صباحْ 

   أتسلق كـدودة الـقـزِّ 

   على أشجار نهـديـكِ .. 

   فاعلمي ، أن صناعة الحريـرْ 

   هي جزءٌ لايتجـزأ 

   من تراثي الدمشـقيّ  .. 

                  -14- 

   لم أعد ياحبـيـبتي 

   قادراً على العشق بالتـقسيط .. 

   ومزمزةِ شفتيـكِ بالتـقـسيط.. 

   وتـقـشير تفاح يـديـك ..بالتـقـسيط.. 

   أنـا اليـوم ، رجـلٌ براغْـمَاتيّ 

   أؤمن أن المرأة النائـمة في راحة يـدي 

   خير من عشرِ نساءٍ على الشجرهْ 

   وأن الحوار مع جسد أفـروديـتْ 

   أهم من الحوار مع جميع الملائكهْ!!. 

                   -15- 

   ياسيدتي : 

   إسمحي لي أن أمارس طفولتي قليلاً 

   وأضع النقاط على حروف علاقـتـنا . 

   فأنا منذ نزلت من بطن القصيـدهْ.. 

   لاأؤمن بالأمور الوسط . 

   لافي الحب .. ولافي الكتابةِ .. 

   ولافي مغازلـة النساءْ.. 

   إن البراغماتـيـةَ في الحب ، هي عقـيـدتي . 

   وأرفض الحكمة المأثورة التي تـقول : 

   (أجّـل عشق اليوم إلى نهار غدٍ ) . 

   كيف يمكنني أن أؤجل امرأة أحبها 

   إلى يوم آخرْ ؟ 

   إلى شهر آخرْ ؟ 

   إلى عام آخر ؟ 

   إلى عصر آخر ؟ 

   إلى إشعار آخر ؟ 

   فالعيـون الكبـيرة ُ لاتـؤجـلْ .. 

   والأمطار الإستوائية لاتـؤجـلْ... 

   والعواصف الرعـدية لاتـؤجـلْ... 

   والقصائد الإستـثـنائـيـةْ.. 

   لاتكـتـب إلا مـرة واحـدهْ ... 

 


   عشرونَ محاولةً لتشكيل امرأة 

                  -1- 

   حان الوقـتُ 

   لأعيد صياغتـك على طريقـتي 

   بحبرٍ جديد . 

   وخطٍ جديد .   

   وتـنقـيط جديد . 

   حان الوقت كي أكتـبـكِ كما أريـد . 

   فجميع من كتبوكِ قـبلي 

   كانوا يجهلون مبادىء الكـتابهْ . 

   وجميعُ من قـرأوك قـبلي 

   كانوا يجهلون قراءة النساءْ.. 

   وتهجـية أحرف الأنوثهْ ... 

                  -2- 

   حان الوقـت  

   لأغير هـندسة خصرك .. 

   وأحجار خواتـمك .. 

   ومكان الشامات على كـتـفـيـك.. 

   وأفصّلك على مساحـةِ قصائـدي 

   ومساحةِ جـنوني .. 

                  -3- 

   حان الوقت 

   لأنحـتـك بإسلـوبي (النـزاريّ).. 

   فأجعل هضابـك تـتحرك .. 

   وبحارك تـتموجْ .. 

   وسرتـكِ الخرساءَ ..تـتكلمْ .. 

   ونهـديـك .. يقـرعان كجرسـين نحاسيـين 

   صبـيحة يـوم الأحـدْ!! 

                  -4- 

   حان الوقـت 

   لأعلمـك شيـئاً من الجغرافـيا . 

   وشيئاً من الموسيقى .. 

   وشيئاً من الشعـر .. 

   فجميع من تجولوا في قاراتـك الخـمسْ ... 

   لم يعرفوا الطريق إلى مناجمك الذهبـية ... 

   وقبـابـك الفاطميـةْ .. 

   وأيـقوناتـك البـيزنـطـيـة ... 

                  -5- 

   حانَ الوقتُ 

   لأطلعك على خرائطك أنوثـتـكْ .. 

   وأدلـكِ .. 

   على السهول التي يزرعون فيها القـطنْ .. 

   والوديان التي يتكاثـرُ فيها الصفصافْ.. 

   والهضاب التي يتسلق عليها العنـبْ .. 

   والشواطىءِ التي تـتـزوج فيها الأسمـاكْ.. 

   والعناوين السرية التي تسكن فيـها 

   حورياتُ البحرْ  .. 

                  -6-                                
                                    

   حان الوقت   

   لتعرفي شيئاً عن نبـاتـاتـكْ وطول أنهاركْ. 

   ورائحةِ أزهاركْ .  وعدد حمائمكْ. 

   ومواسم لوزكِ .. وخـوخـكْ .. 

   وسفرجلك الجبليّ . 

   وتوقـيت مدك وجـزركْ 

   ومواعيد أمطارك الإستوائـيـةْ .. 

                   -7- 

   حان الوقـتُ 

   لتعرفي شيئاً عن العصر البرونزيّ . 

   والفن الفلورنسيّ . والكريستال التـشيكيّ . 

   والخزف الصيـنيّ والغزل الغربيّ . 

   حان الوقـت لتعرفي 

إلى أيّ عصرٍ من هذه العصور الباهـرهْ 

ينـتمي جسـد كِ الجميـل ؟.. 

                  -8- 

حان الوقـتُ 

كي أمحو خطوط ذاكرتـك 

وأحرق جميـع المراكبْ 

التي جئـتِ بها من العصور الوسطى 

فليس وراءَك سوى البحـرْ .. 

وليس أمامك .. 

سوى ذراعيّ المفـتـوحـتـيـنْ ... 

                  -9- 

حان الوقـت لأمارس عليـكِ سحري 

فتـزداد أصابعك طولا . 

ويزداد خصرك نحولا . 

     وتـزداد عيـناك اتساعـاً . 

    ويزداد شعركِ حماقـة .. وفوضى .. 

    وخروجاً على القانون .. 

حان لي  .. أن أمد على شرفتـك 

حبال قصائدي ـ كما يفعل الشراكسةْـ 

على حصان الشِعر ... 

                  -11- 

حان الوقت لتخرجي من قـنباز أبـيـكِ .. 

ومن صندوق أمك المطعم بالصـد فْ.. 

فلم يعد لك مسموحاً أن تظلي 

حكمةً مأثورة موضوعة في بروازْ 

أو سمكة للزيـنة في أكواريومْ 

أو ثوباً معلقـاً في متحف الفنون الشعبـية !!. 

                  -12- 

   حان الوقت كي أعجنـكِ بالمسـكِ ، والقِـرفةِ،  

وأخلطكِ بالسكرِ، والعسل ، 

وحليـب العصافيـرْ .. 

حان الوقت كي أعجنـكِ بلحمي ، وأعصابي ، 

وصراخي ، ونزيفي ، ومشتـقات دمي ... 

                  -13- 

حان الوقـت 

كي تخرجي من سجن النساءْ 

الذي تـقضين به 

عقوبة (الأنوثة المؤبدةْ )!! 

حان الوقت 

لتكسري غلاف شرنـقـتـكْ 

وتغـزلي 

أول خيط من خيوط الحرية .. 

حان الوقت لتأخذي شكل الموجة.. 

أو شكل السهم الناريّ .. 

أو شكل السنجابة.. 

أو الـقطة المتوحشة .. 

                  -15- 

حان الوقت 

لكي أنقـذك من حلـقات الدراويـش.. 

وقـرقـرة الـنراجـيل ..وأباريـق الـقهوة الـمُرة .. 

ورائحة الـبخور الـهـنديّ .. 

وخلاخيل الراقصات .. 

وطوابـير النساءِ المنـتـظرات 

أمام فراش شهـريار ... 

                  -17- 

حان الوقت 

لتـتحولي من سجادةٍ تـبريـزيّة 

تداس بالدنانيـر والنعال .. 

إلى جزيـرةٍ من الضوء والكبرياء 

لاتصل إليها طيـور البحـر 

ولامراكب القراصنة ... 

                  -18- 

أريد أن أخـلصك 

من مضاجعة الخلـفاء غـير الراشديـن ... 

ابـتداءً من الحاكم بأمر الله .. 

إلى الحاكم بأمر النهـدْ .. 

إلى المقـتدر .. 

إلى المنـتـصر .. 

إلى المتـوكل .. 

إلى المعتصم بزنانير النساء .. 

حتى آخر امرأةٍ دون السادسة عشر!!.. 

                  -19- 

أريد أن أسحبك كالـتـفاحة 

من بـيـن تماسيح البحر الأحمر .. 

وحيوانات (كليـلة ودمنة)!! 

                  -20- 

أريد أن أنـقـذك  

من دينصورات ماقبل التـاريخ  

التي هربت من متحف التـاريخ الطبـيعيّ 

ودخلت المدن العربـيـهْ 

لتـقرقـشنَ عظام النساء كـقطع البسكويت 

وتـشرب دماءهنّ كالعرق اللبنانيّ أريد أن أنـقـذك 

من (جمعية الجزارين المتحدة) 

التي يرأس مجلس إدارتها 

المدعو : عبد السرير النسونجي !! 

                                             لندن
1992 


Read more: http://hassanbalam.ibda3.org/t12642-topic


hassanbalam
hassanbalam

حسن بلم

منشورات مماثلة